النهر الصغير والصخرة الصلبة
كــان النهرُالصغير، يجري ضاحكاً مسروراً، يزرع في خطواته الخصبَ، ويحمل في راحتيه العطاء. يركض بين الأعشاب، ويشدو بأغانيه الرِّطاب، فتتناثر حوله فرحاً أخضر.يسقي الأزهار الذابلة، فتضيء ثغورها باسمة. ويروي الأشجار الظامئة، فترقص أغصانها حبوراً ويعانق الأرض الميتة، فتعود إليها الحياة.
ويواصل النهر الكريم، رحلةَ الفرحِ والعطاء، لا يمنُّ على أحد، ولا ينتظر جزاء.وكان على جانبه، صخرة صلبة، قاسية القلب، فاغتاظت من كثرة جوده، وخاطبته مؤنّبة:
-لماذا تهدرُ مياهَكَ عبثاً؟!
-أنا لا أهدر مياهي عبثاًبل أبعث الحياة والفرح، في الأرض والشجر، و..
-وماذا تجني من ذلك؟!
-أجني سعادة كبيرة، عندما أنفع الآخرين
-لا أرى في ذلك أيّ ِسعادة!
-لو أعطيْتِ مرّة، لعرفْتِ لذّةَ العطاء .
قالت الصخرة:
-احتفظْ بمياهك، فهي قليلة، وتنقص باستمرار.
-وما نفع مياهي، إذا حبستها على نفسي، وحرمْتُ غيري؟!
-حياتكَ في مياهكَ، وإذا نفدَتْ تموت .
قال النهر:
-في موتي، حياةٌ لغيري .
-لا أعلمُ أحداً يموتُ ليحيا غيره!
-الإنسانُ يموتُ شهيداً، ليحيا أبناء وطنه.
قالت الصخرة ساخرة:
-سأُسمّيكَ بعد موتكُ، النهر الشهيد!
-هذا الاسم، شرف عظيم.
لم تجدِ الصخرةُ فائدة في الحوار، فأمسكَت ْعن الكلام.
***
اشتدَّتْ حرارةُ الصيف، واشتدّ ظمأُ الأرض والشجر والورد، وازداد النهر عطاء، فأخذَتْ مياهه، تنقص وتغيض، يوماً بعد يوم،حتى لم يبقَ في قعره، سوى قدرٍ يسير، لا يقوى على المسير..صار النهرعاجزاً عن العطاء، فانتابه حزن كبير، ونضب في قلبه الفرح، ويبس على شفتيه الغناء.. وبعد بضعة أيام، جفَّ النهر الصغير، فنظرَتْ إليه الصخرةُ، وقالت:
-لقد متَّ أيها النهر، ولم تسمع لي نصيحة!
قالت الأرض:
-النهر لم يمتْ، مياهُهُ مخزونة في صدري.
وقالت الأشجار:
-النهر لم يمتْ، مياهه تجري في عروقي
وقالت الورود:
-النهر لم يمت، مياهه ممزوجة بعطري.
قالت الصخرة مدهوشة:
لقد ظلَّ النهرُ الشهيدُ حياً، في قلوب الذين منحهم الحياة!
***
وأقبل الشتاء، كثيرَ السيولِ، غزيرَ الأمطار، فامتلأ النهرُ الصغير بالمياه، وعادت إليه الحياة، وعادت رحلةُ الفرح والعطاء، فانطلق النهر الكريم، ضاحكاً مسروراً، يحمل في قلبه الحب، وفي راحتيه العطاء.
ماهر الفارس الصغير
استطاع جيش الغزاة أن يستولي على أراضي المسلمين في إحدى الدول الإسلامية، فلم يرض المسلمون بذلك وجاهدوا بكل شجاعة وبسالة، ولم يكن معهم إلا السيوف والخناجر، فانهزم المسلمون أمام مدافع الأعداء وبنادقهم الحديثة ومات الكثير منهم.
كان ماهر في السنة العاشرة من عمره، فأراد أن يساعد إخوانه المجاهدين في حربهم ضد الأعداء، فذهب في الليل إلى معسكر جيش العدو، وتسلل إلى مخزن الأسلحة دون أن يشعر به الحراس، واستولى على عدد من البنادق والرصاص (الذخيرة).
أخذ ماهر البنادق التي حصل عليها وذهب بها إلى مائدة المجاهدين في الجبل، وفرحوا به فرحا عظيما، لكنهم خافوا على ماهر أن يقبض عليه جيش الأعداء، لكن ماهرا كان شجاعا فكرر المحاولة عدة مرات، واستولى على عدد كبير من البنادق.
استفاد المجاهدون كثيرا من البنادق التي أحضرها ماهر، وانتصروا في عدة معارك وغنموا، وحصلوا على الكثير من الأسلحة التي جعلتهم يهزمون أعداءهم في الكثير من المواقع، وأصيب الأعداء بالحيرة، ولم يعرفوا كيف حصل المسلمون على البنادق.
أحس الأعداء أن هناك من يأخذ الأسلحة من مخازنهم، وظن القائد أن عددا كبيرا من المجاهدين الشجعان يقومون بهذا العمل الخطير، فأمر القائد بوضع حراسة مشددة على مستودع الأسلحة طوال الليل والنهار.
تسلل ماهر مرة أخرى إلى مخزن الأسلحة، ولم يشعر به الحراس، وأخذ عددا من البنادق والرصاص، وعندما أراد الخروج أحس به الحرس فاجتمعوا عليه من كل مكان، وأمسكوا به وهم لا يصدقون مايرون.
لم يصدق قائد الأعداء عينيه، كيف استطاع هذا الغلام الصغير أن يقوم بهذه المغامرة الرهيبة؟
وأراد القائد أن يستفيد من ماهر” فلم يأمر بقتله وقال له: سأرسلك إلى بلدي لتتعلم وتعيش حياة سعيدة وتكون ضابطا كبيرا في جيشي.
رفض ماهر عرض القائد، وعلل ذلك بأنه لا يمكن أن يخون دينه وأمته ليكون مع الكفار ضد إخوانه المسلمين من أجل متاع الدنيا، فأمر القائد بإطلاق سراح ماهر وهو معجب بشجاعته وقوة أمانته.
حلم سامح ان يكون عصفورا
كان سامح يجد متعة كبيرة لدى سماعة الحكايات الجميلة، التي ترويها له أمه كل مساء في بيتهم الريفي، وذات ليلة حكت له حكاية طريفة عن العصافير، وعن سعادتها وهي تعود إلى أعشاشها فوق أغصان الأشجار، أحب سامح العصافير، كان يود لو أنها اجتازت نافذة غرفته لتملأ المكان بزقزقتها ورفيف أجنحتها، لكنه ما أن يقترب من النافذة حتى تطير العصافير مبتعدة، وذات مساء، شاهد سامح نملة كبيرة جداً تدخل من النافذة، ابتسمت لسامح وسألته عما يقلقه، فأخبرها عن حبه للعصافير ورغبته في العيش معها لأنه يحب الطيران مثلها.
التفت النملة الكبيرة إلى النافذة ونادت على العصافير، وبلمح البصر دخلت الغرفة عصافير كثيرة، تعاونت على حمل سامح بمناقيرها الصغيرة وطارت به خارج الغرفة، ووضعته على غصن شجرة قريبة، وعندما حاول سامح التقدم لدخول أحد الأعشاش، اعتذرت العصافير عن استقباله، وقالت له بأدب: أنت يا صديقنا ضخم جداً، ولا يوجد عندنا مكان يناسبك!
فجأة رأى سامح عنكبوتاً كبيراً يقترب منه، كان شكل العنكبوت مرعباً، تراجع سامح إلى الوراء، فصاحت العصافير محذرة: احترس يا سامح!
لم يتحمل الغصن وزن سامح فبدأ يت***ر.
أطلق سامح صرخة عالية، اقتربت العصافير منه وحاولت إنقاذه بمناقيرها، لكنه لم يلبث أن سقط من فوق الغصن، حاول أن يستعمل يديه كأجنحة لكنه لم يستطع فارتطم بالأرض.
فتح سامح عينيه فرأى أمه تقف بجوار سريره وتبتسم له بحنان، كانت تعرف أن أبنها كان يحلم، وعندما أخبرها سامح بما حدث له في الحلم تبسمّت وقالت له: خلق الله جميع الكائنات، وزوّد كل كائن بما يناسبه في عيشه ومحيطه، وقد استطاع الإنسان بما وهبه الله له من عقل أن يصنع أشياء مفيدة كثيرة، فالإنسان لا يستطيع أن يطير في الهواء مثل العصافير، لكنه استطاع أن يصنع طائرة يحلق بها في الأعالي.
انحنت على ولدها وقبلته وهي تردد قوله تعالى:
" والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير".
كــان النهرُالصغير، يجري ضاحكاً مسروراً، يزرع في خطواته الخصبَ، ويحمل في راحتيه العطاء. يركض بين الأعشاب، ويشدو بأغانيه الرِّطاب، فتتناثر حوله فرحاً أخضر.يسقي الأزهار الذابلة، فتضيء ثغورها باسمة. ويروي الأشجار الظامئة، فترقص أغصانها حبوراً ويعانق الأرض الميتة، فتعود إليها الحياة.
ويواصل النهر الكريم، رحلةَ الفرحِ والعطاء، لا يمنُّ على أحد، ولا ينتظر جزاء.وكان على جانبه، صخرة صلبة، قاسية القلب، فاغتاظت من كثرة جوده، وخاطبته مؤنّبة:
-لماذا تهدرُ مياهَكَ عبثاً؟!
-أنا لا أهدر مياهي عبثاًبل أبعث الحياة والفرح، في الأرض والشجر، و..
-وماذا تجني من ذلك؟!
-أجني سعادة كبيرة، عندما أنفع الآخرين
-لا أرى في ذلك أيّ ِسعادة!
-لو أعطيْتِ مرّة، لعرفْتِ لذّةَ العطاء .
قالت الصخرة:
-احتفظْ بمياهك، فهي قليلة، وتنقص باستمرار.
-وما نفع مياهي، إذا حبستها على نفسي، وحرمْتُ غيري؟!
-حياتكَ في مياهكَ، وإذا نفدَتْ تموت .
قال النهر:
-في موتي، حياةٌ لغيري .
-لا أعلمُ أحداً يموتُ ليحيا غيره!
-الإنسانُ يموتُ شهيداً، ليحيا أبناء وطنه.
قالت الصخرة ساخرة:
-سأُسمّيكَ بعد موتكُ، النهر الشهيد!
-هذا الاسم، شرف عظيم.
لم تجدِ الصخرةُ فائدة في الحوار، فأمسكَت ْعن الكلام.
***
اشتدَّتْ حرارةُ الصيف، واشتدّ ظمأُ الأرض والشجر والورد، وازداد النهر عطاء، فأخذَتْ مياهه، تنقص وتغيض، يوماً بعد يوم،حتى لم يبقَ في قعره، سوى قدرٍ يسير، لا يقوى على المسير..صار النهرعاجزاً عن العطاء، فانتابه حزن كبير، ونضب في قلبه الفرح، ويبس على شفتيه الغناء.. وبعد بضعة أيام، جفَّ النهر الصغير، فنظرَتْ إليه الصخرةُ، وقالت:
-لقد متَّ أيها النهر، ولم تسمع لي نصيحة!
قالت الأرض:
-النهر لم يمتْ، مياهُهُ مخزونة في صدري.
وقالت الأشجار:
-النهر لم يمتْ، مياهه تجري في عروقي
وقالت الورود:
-النهر لم يمت، مياهه ممزوجة بعطري.
قالت الصخرة مدهوشة:
لقد ظلَّ النهرُ الشهيدُ حياً، في قلوب الذين منحهم الحياة!
***
وأقبل الشتاء، كثيرَ السيولِ، غزيرَ الأمطار، فامتلأ النهرُ الصغير بالمياه، وعادت إليه الحياة، وعادت رحلةُ الفرح والعطاء، فانطلق النهر الكريم، ضاحكاً مسروراً، يحمل في قلبه الحب، وفي راحتيه العطاء.
ماهر الفارس الصغير
استطاع جيش الغزاة أن يستولي على أراضي المسلمين في إحدى الدول الإسلامية، فلم يرض المسلمون بذلك وجاهدوا بكل شجاعة وبسالة، ولم يكن معهم إلا السيوف والخناجر، فانهزم المسلمون أمام مدافع الأعداء وبنادقهم الحديثة ومات الكثير منهم.
كان ماهر في السنة العاشرة من عمره، فأراد أن يساعد إخوانه المجاهدين في حربهم ضد الأعداء، فذهب في الليل إلى معسكر جيش العدو، وتسلل إلى مخزن الأسلحة دون أن يشعر به الحراس، واستولى على عدد من البنادق والرصاص (الذخيرة).
أخذ ماهر البنادق التي حصل عليها وذهب بها إلى مائدة المجاهدين في الجبل، وفرحوا به فرحا عظيما، لكنهم خافوا على ماهر أن يقبض عليه جيش الأعداء، لكن ماهرا كان شجاعا فكرر المحاولة عدة مرات، واستولى على عدد كبير من البنادق.
استفاد المجاهدون كثيرا من البنادق التي أحضرها ماهر، وانتصروا في عدة معارك وغنموا، وحصلوا على الكثير من الأسلحة التي جعلتهم يهزمون أعداءهم في الكثير من المواقع، وأصيب الأعداء بالحيرة، ولم يعرفوا كيف حصل المسلمون على البنادق.
أحس الأعداء أن هناك من يأخذ الأسلحة من مخازنهم، وظن القائد أن عددا كبيرا من المجاهدين الشجعان يقومون بهذا العمل الخطير، فأمر القائد بوضع حراسة مشددة على مستودع الأسلحة طوال الليل والنهار.
تسلل ماهر مرة أخرى إلى مخزن الأسلحة، ولم يشعر به الحراس، وأخذ عددا من البنادق والرصاص، وعندما أراد الخروج أحس به الحرس فاجتمعوا عليه من كل مكان، وأمسكوا به وهم لا يصدقون مايرون.
لم يصدق قائد الأعداء عينيه، كيف استطاع هذا الغلام الصغير أن يقوم بهذه المغامرة الرهيبة؟
وأراد القائد أن يستفيد من ماهر” فلم يأمر بقتله وقال له: سأرسلك إلى بلدي لتتعلم وتعيش حياة سعيدة وتكون ضابطا كبيرا في جيشي.
رفض ماهر عرض القائد، وعلل ذلك بأنه لا يمكن أن يخون دينه وأمته ليكون مع الكفار ضد إخوانه المسلمين من أجل متاع الدنيا، فأمر القائد بإطلاق سراح ماهر وهو معجب بشجاعته وقوة أمانته.
حلم سامح ان يكون عصفورا
كان سامح يجد متعة كبيرة لدى سماعة الحكايات الجميلة، التي ترويها له أمه كل مساء في بيتهم الريفي، وذات ليلة حكت له حكاية طريفة عن العصافير، وعن سعادتها وهي تعود إلى أعشاشها فوق أغصان الأشجار، أحب سامح العصافير، كان يود لو أنها اجتازت نافذة غرفته لتملأ المكان بزقزقتها ورفيف أجنحتها، لكنه ما أن يقترب من النافذة حتى تطير العصافير مبتعدة، وذات مساء، شاهد سامح نملة كبيرة جداً تدخل من النافذة، ابتسمت لسامح وسألته عما يقلقه، فأخبرها عن حبه للعصافير ورغبته في العيش معها لأنه يحب الطيران مثلها.
التفت النملة الكبيرة إلى النافذة ونادت على العصافير، وبلمح البصر دخلت الغرفة عصافير كثيرة، تعاونت على حمل سامح بمناقيرها الصغيرة وطارت به خارج الغرفة، ووضعته على غصن شجرة قريبة، وعندما حاول سامح التقدم لدخول أحد الأعشاش، اعتذرت العصافير عن استقباله، وقالت له بأدب: أنت يا صديقنا ضخم جداً، ولا يوجد عندنا مكان يناسبك!
فجأة رأى سامح عنكبوتاً كبيراً يقترب منه، كان شكل العنكبوت مرعباً، تراجع سامح إلى الوراء، فصاحت العصافير محذرة: احترس يا سامح!
لم يتحمل الغصن وزن سامح فبدأ يت***ر.
أطلق سامح صرخة عالية، اقتربت العصافير منه وحاولت إنقاذه بمناقيرها، لكنه لم يلبث أن سقط من فوق الغصن، حاول أن يستعمل يديه كأجنحة لكنه لم يستطع فارتطم بالأرض.
فتح سامح عينيه فرأى أمه تقف بجوار سريره وتبتسم له بحنان، كانت تعرف أن أبنها كان يحلم، وعندما أخبرها سامح بما حدث له في الحلم تبسمّت وقالت له: خلق الله جميع الكائنات، وزوّد كل كائن بما يناسبه في عيشه ومحيطه، وقد استطاع الإنسان بما وهبه الله له من عقل أن يصنع أشياء مفيدة كثيرة، فالإنسان لا يستطيع أن يطير في الهواء مثل العصافير، لكنه استطاع أن يصنع طائرة يحلق بها في الأعالي.
انحنت على ولدها وقبلته وهي تردد قوله تعالى:
" والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير".