بسم الله الرحمن الرحيم
البُلبُل الذي فَقَد صوتَه
في يومٍ ما فُوجئ البُلبُلْ الصغيرُ أنّه قد فَقَد صوتَه فَجأةً ، و دونَ أن يَعرِفَ ما الذي حَدَث ، فهَرَبَ منه صوتُه و ضاع .
عادَ البلبلُ الصغيرُ حزيناً ، مَهموماً ، يائساً ، و أخذ يَبحثُ عن صوتِه الذي ضاع .
فأخَذ يَبحثُ في البيوت ، و المياه ، و الأعشاش ، لكنّه ما وَجَده ، فعادَ مُنكسِراً ، مُتَحطِّماً ، لا يَهتمُّ بخُضرَةِ الأشجار ، و لا جَمالِ السنابِل ، و لا بالأزهار .
و كان حُزنُه يَشتدُّ ، إذا سَمِع زَقزَقَةَ العصافير ، و أغاريدَ الطيور المَرِحة . فيما مضى كان البُلبُلُ الصغيرُ صَديقاً صَميمياً لجدولِ الماءِ الذي يَمُرّ بالحقل ، أمّا الآن فإنّ البلبلَ لا يُلامِسُ مياهَ الجدول ، و لا يَتحدّثُ معه .
و تَمُرّ الفَراشاتُ الجميلة الزاهيةُ الألوان ، فلا يُلاطِفُها كما كانَ يَفعلُ مِن قَبل ، و لا يَلعبُ معها . لقد عادَ البلبلُ الصغيرُ حزيناً مُتعَباً ، يَبحثُ عن صوتهِ الدافئ ، دونَ أن يَعثُر عليهِ في أيِّ مكان . و عن طريقِ الإشارات ، سألَ الكثيرينَ من أصدقائه ، فلم يَهتَدِ أحدٌ منهم إلى شيء ، و ظل هكذا حتى عادَ إلى الحقل ، فانطرَحَ في ظِلِّ شجرةِ التُّوتِ الكبيرة .
أخَذَ البلبلُ الحزينُ يَتذكّرُ أيّامَهُ الماضية ، حينَ كانَ صوتُهُ يَنطلِقُ بتَغريدٍ جميل حُلو ، تأنَسُ له الطيورُ و المياه ، و الزَوارقُ الورَقيةُ السائرةُ على الماء ، و الأعشابُ الراضيةُ المنبسطة ، و تَفرَحُ له الثِمارُ المُعلّقةُ في الأغصان ، أما الآن ، فقد ضاعَ منه فَجأةً كلُّ شيء .
رَفَع البلبلُ الصغيرُ رأسَهُ إلى السماءِ الوسيعةِ الزرقاء ، و أخَذَ يتَطَلّعُ إلى فَوق بتضرُّعٍ و حُزن :
يا إلهي ، كيفَ يُمكنُ أن يَحدُثَ هذا بكلِّ هذهِ السُهولة ؟! ، ساعِدْني يا إلهي ، فمَن لي غَيرُك يُعيدُ لي صَوتيَ الضائع ؟
حينَ كانَ البلبلُ الصغيرُ يَنظُرُ إلى السماء ، أبصَرَ - في نُقطةٍ بَعيدة - حَمامةً صَغيرةً ، تَحمِلُ فوقَ ظهرِها حَمامةً جَريحة ، و قد بَدَت الحمامةُ الصغيرةُ مُتعَبة و مُنهَكة ، و هي تَنوءُ بهذا الحمل ، لكنّ الحمامةَ الصغيرةَ كانت مع ذلك شُجاعةً و صابرة . انتَبَه البلبلُ الحزينُ إلى هذا المنظر ، فأخذَ يُتابِعُه ، و قلبُه يَدُقُّ خوفاً على الحمامةِ الصغيرةِ من السُقوط ، مع أنّها كانت تَطيرُ بشَجاعةٍ و إرادةٍ قويّة . و عندما وَصَلَت الحمامةُ الصغيرة إلى نُقطةٍ قريبةٍ من شجرة التُوت ، بَدأت الحمامةُ الجريحةُ تَميلُ عنها بالتدريج ، فأخَذَ قلبُ البُلبل يَدُقّ و يَدُقّ .
لقد امتلأ قلبُهُ بالرِقَّةِ و الخوفِ على هذهِ الحمامةِ الضعيفةِ ، التي تكادُ تَسقُطُ من الأعالي على الأرض .
ولمّا كادَت الحمامةُ الجريحةُ ، أن تَهوي كانَ البلبلُ الصغيرُ ، قد رَكّزَ كلَّ ما في داخِله مِن عواطفِ الرحمةِ و المَحبّةِ ، و هو يُتابِعُ المنظر . فلم يَتمالَكِ البلبلُ الصغيرُ نفسَهُ ، فإذا هو يَصيحُ بقوّة :
انتَبِهي ، انتَبِهي أيّتها الحمامةُ الصغيرة ، الحمامةُ الجريحةُ تكادُ تَسقُطُ عن ظهرِك .
سَمِعَتِ الحمامةُ صِياحَ البلبل فانتَبَهت ، و أخَذَت تُعَدِّلُ مِن جَناحَيها ، حتّى استعادَتِ الحمامةُ الجريحةُ وضَعَها السابق ، فشكرَتْه مِن قلبها ، و مضَت تَطيرُ وهي تُحَيِّيهِ بمِنقارِها .
توقّفَ البلبل ، و بَدأ يُفكِّر ، لم يُصدِّقْ في البداية ، لم يُصدِّقْ أنّ صوتَهُ قد عادَ إلَيه ، لكنّه تأكّدَ مِن ذلك لمّا حاوَلَ مرةً ثانية ، فانطلَقَ فَرِحاً يُغرِّدُ فوقَ الشجرة ، رافعاً رأسَهُ إلى السماءِ الزَرقاء ، و قد كانَ تَغريدُه هذهِ المرّة أُنشودَة شُكرٍ لله على هذهِ النِعمةِ الكبيرة .
البُلبُل الذي فَقَد صوتَه
في يومٍ ما فُوجئ البُلبُلْ الصغيرُ أنّه قد فَقَد صوتَه فَجأةً ، و دونَ أن يَعرِفَ ما الذي حَدَث ، فهَرَبَ منه صوتُه و ضاع .
عادَ البلبلُ الصغيرُ حزيناً ، مَهموماً ، يائساً ، و أخذ يَبحثُ عن صوتِه الذي ضاع .
فأخَذ يَبحثُ في البيوت ، و المياه ، و الأعشاش ، لكنّه ما وَجَده ، فعادَ مُنكسِراً ، مُتَحطِّماً ، لا يَهتمُّ بخُضرَةِ الأشجار ، و لا جَمالِ السنابِل ، و لا بالأزهار .
و كان حُزنُه يَشتدُّ ، إذا سَمِع زَقزَقَةَ العصافير ، و أغاريدَ الطيور المَرِحة . فيما مضى كان البُلبُلُ الصغيرُ صَديقاً صَميمياً لجدولِ الماءِ الذي يَمُرّ بالحقل ، أمّا الآن فإنّ البلبلَ لا يُلامِسُ مياهَ الجدول ، و لا يَتحدّثُ معه .
و تَمُرّ الفَراشاتُ الجميلة الزاهيةُ الألوان ، فلا يُلاطِفُها كما كانَ يَفعلُ مِن قَبل ، و لا يَلعبُ معها . لقد عادَ البلبلُ الصغيرُ حزيناً مُتعَباً ، يَبحثُ عن صوتهِ الدافئ ، دونَ أن يَعثُر عليهِ في أيِّ مكان . و عن طريقِ الإشارات ، سألَ الكثيرينَ من أصدقائه ، فلم يَهتَدِ أحدٌ منهم إلى شيء ، و ظل هكذا حتى عادَ إلى الحقل ، فانطرَحَ في ظِلِّ شجرةِ التُّوتِ الكبيرة .
أخَذَ البلبلُ الحزينُ يَتذكّرُ أيّامَهُ الماضية ، حينَ كانَ صوتُهُ يَنطلِقُ بتَغريدٍ جميل حُلو ، تأنَسُ له الطيورُ و المياه ، و الزَوارقُ الورَقيةُ السائرةُ على الماء ، و الأعشابُ الراضيةُ المنبسطة ، و تَفرَحُ له الثِمارُ المُعلّقةُ في الأغصان ، أما الآن ، فقد ضاعَ منه فَجأةً كلُّ شيء .
رَفَع البلبلُ الصغيرُ رأسَهُ إلى السماءِ الوسيعةِ الزرقاء ، و أخَذَ يتَطَلّعُ إلى فَوق بتضرُّعٍ و حُزن :
يا إلهي ، كيفَ يُمكنُ أن يَحدُثَ هذا بكلِّ هذهِ السُهولة ؟! ، ساعِدْني يا إلهي ، فمَن لي غَيرُك يُعيدُ لي صَوتيَ الضائع ؟
حينَ كانَ البلبلُ الصغيرُ يَنظُرُ إلى السماء ، أبصَرَ - في نُقطةٍ بَعيدة - حَمامةً صَغيرةً ، تَحمِلُ فوقَ ظهرِها حَمامةً جَريحة ، و قد بَدَت الحمامةُ الصغيرةُ مُتعَبة و مُنهَكة ، و هي تَنوءُ بهذا الحمل ، لكنّ الحمامةَ الصغيرةَ كانت مع ذلك شُجاعةً و صابرة . انتَبَه البلبلُ الحزينُ إلى هذا المنظر ، فأخذَ يُتابِعُه ، و قلبُه يَدُقُّ خوفاً على الحمامةِ الصغيرةِ من السُقوط ، مع أنّها كانت تَطيرُ بشَجاعةٍ و إرادةٍ قويّة . و عندما وَصَلَت الحمامةُ الصغيرة إلى نُقطةٍ قريبةٍ من شجرة التُوت ، بَدأت الحمامةُ الجريحةُ تَميلُ عنها بالتدريج ، فأخَذَ قلبُ البُلبل يَدُقّ و يَدُقّ .
لقد امتلأ قلبُهُ بالرِقَّةِ و الخوفِ على هذهِ الحمامةِ الضعيفةِ ، التي تكادُ تَسقُطُ من الأعالي على الأرض .
ولمّا كادَت الحمامةُ الجريحةُ ، أن تَهوي كانَ البلبلُ الصغيرُ ، قد رَكّزَ كلَّ ما في داخِله مِن عواطفِ الرحمةِ و المَحبّةِ ، و هو يُتابِعُ المنظر . فلم يَتمالَكِ البلبلُ الصغيرُ نفسَهُ ، فإذا هو يَصيحُ بقوّة :
انتَبِهي ، انتَبِهي أيّتها الحمامةُ الصغيرة ، الحمامةُ الجريحةُ تكادُ تَسقُطُ عن ظهرِك .
سَمِعَتِ الحمامةُ صِياحَ البلبل فانتَبَهت ، و أخَذَت تُعَدِّلُ مِن جَناحَيها ، حتّى استعادَتِ الحمامةُ الجريحةُ وضَعَها السابق ، فشكرَتْه مِن قلبها ، و مضَت تَطيرُ وهي تُحَيِّيهِ بمِنقارِها .
توقّفَ البلبل ، و بَدأ يُفكِّر ، لم يُصدِّقْ في البداية ، لم يُصدِّقْ أنّ صوتَهُ قد عادَ إلَيه ، لكنّه تأكّدَ مِن ذلك لمّا حاوَلَ مرةً ثانية ، فانطلَقَ فَرِحاً يُغرِّدُ فوقَ الشجرة ، رافعاً رأسَهُ إلى السماءِ الزَرقاء ، و قد كانَ تَغريدُه هذهِ المرّة أُنشودَة شُكرٍ لله على هذهِ النِعمةِ الكبيرة .