مَا هَذِهِ مِصْرَ
بقلم : نِزَار قَبَّانِي
أَنَا يَا بَهِيَّةُ مُتْعَبٌ بِعُرُوبَتِي
فَهَلْ الْعُرُوبَةُ لَعْنَةٌ وَعِقَابُ؟
أَمْشِي عَلَى وَرَقِ الْخَرِيطَةِ خَائِفًا
فَعَلَى الْخَرِيطَةِ كُلُّنَا أَغْرَابُ.
أَتَكَلَّمُ الْفُصْحَى أَمَامَ عَشِيرَتِي
وَأُعِيدُ ، لَكِنْ مَا هُنَاكَ جَوَابُ.
لَوْلا الْعَبَاءَاتُ الَّتِي الْتَفُّوا بِهَا
مَا كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّهُمْ أَعْرَابُ.
يَتَقَاتَلُونَ عَلَى بَقَايَا تَمْرَةٍ
فَخَنَاجِرٌ مَرْفُوعَةٌ وَحِرَابُ
قُبُلاتُهُمْ عَرَبيَّةٌ مَنْ ذَا رَأَى
فِيمَا رَأَى قُبُلاً لَهَا أَنْيَابُ.
وَخَرِيطَةُ الْوَطَنِ الْكَبِيرِ فَضِيحَةٌ
فَحَوَاجِزٌ وَمَخَافِرٌ وِكِلابُ
وَالْعَالَمُ الْعَرَبِيُّ إِمَّا نَعْجَةٌ
مَذْبُوحَةٌ أَوْ حَاكِمٌ قَصَّابُ
وَالْعَالَمُ الْعَرَبِيُّ يُرْهِنُ سَيْفَهُ
فَحِكَايَةُ الشَّرَفِ الرَّفِيع ِسَرَابُ
وَالْعَالَمُ الْعَرَبِيُّ يَخْزِنُ نَفْطَهُ
فِي خِصْيَتَيْهِ وَرَبُّكَ الْوَهَّابُ
وَالنَّاسُ قَبْلَ النَّفْطِ أَوْ مِنْ بَعْدِهِ
مُسْتَنْزَفُونَ ، فَسَادَةٌ وَدَوَابُ
فَكَأَنَّمَا كُتُبُ التُّرَاثِ خُرَافَةٌ
كُبْرَى فَلا عُمَرٌ وَلا خَطَّابُ
وَبَيَارِقُ ابْن ِالْعَاص ِتَمْسَحُ دَمْعَهَا
وَعَزيزُ مِصْرٍ بِالْفِصَامِ مُصَابُ
مَنْ ذَا يُصَدِّقُ أَنَّ مِصْرَ تَهَوَّدَتْ
وَمُقَامُ سَيِّدِنَا الْحُسَينِ يَبَابُ؟
مَا هَذِهِ مِصْرَ. فَإِنَّ صَلاتَهَا
عِبْرِيَّةٌ وَ إِمَامُهَا كَذَّابُ
مَا هَذِهِ مِصْرَ. فَإِنَّ سَمَاءَهَا
صَغُرَتْ. وَإِنَّ نِسَاءَهَا أَسْلابُ
إِنْ جَاءَ كَافُورٌ فَكَمْ مِنْ حَاكِم ٍ
قَهَرَ الشُّعُوبَ وَتَاجُهُ قُبْقَابُ
أَنَا مُتْعَبٌ وَدَفَاتِرِي تَعِبَتْ مَعِي
هَلْ لِلدَّفَاتِرِ يَا تُرَى أَعْصَابُ ؟
حُزْنِي بَنَفْسَجَةٌ يُبَلِّلُهَا النَّدَى
وَضِفَافُ جُرْحِي رَوْضَةٌ مِعْشَابُ
لا تَعْذُلِينِي إِنْ كَشَفْتُ مَوَاجِعِي
وَجْهُ الْحَقِيقَةِ مَا عَلَيْهِ نِقَابُ
إِنَّ الْجُنُونَ وَرَاءَ نِصْفِ قَصَائِدِي
أَوَ لَيْسَ فِي بَعْضِ الْجُنُونِ صَوَابُ ؟
فَتَحَمَّلِي غَضَبِي الْجَمِيلَ فَرُبَّمَا
ثَارَتْ عَلَى أَمْرِ السَّمَاءِ هِضَابُ
فَإِذَا صَرَخْتُ بِوَجْهِ مَنْ أَحْبَبْتُهُمْ
فَلِكَيْ يَعِيشَ الْحُبُّ وَالاحْبَابُ
وَإِذَا قَسَوْتُ عَلَى الْعُرُوبَةِ مَرَّةً
فَلَقَدْ تَضِيقُ بِكُحْلِهَا الاهْدَابُ
فَلَرُبَّمَا تَجِدُ الْعُرُوبَةُ نَفْسَهَا
وَيُضِيءُ فِي قَلْبِ الظَّلامِ شِهَابُ
وَلَقَدْ تَطِيرُ مِنَ الْعِقَالِ حَمَامَةٌ
وَمِنَ الْعَبَاءَةِ تَطْلُعُ الْلآعْشَابُ
لا تَغْضَبِي مِنِّي إِذَا غَلَبَ الْهَوَى
إِنَّ الْهَوَى فِي طَبْعِهِ غَلابُ
فَذُنُوبُ شِعْرِي كُلُّهَا مَغْفُورَةٌ
وَاللهُ - جَلَّ جَلالُهُ – التَّوَابُ.
بقلم : نِزَار قَبَّانِي
أَنَا يَا بَهِيَّةُ مُتْعَبٌ بِعُرُوبَتِي
فَهَلْ الْعُرُوبَةُ لَعْنَةٌ وَعِقَابُ؟
أَمْشِي عَلَى وَرَقِ الْخَرِيطَةِ خَائِفًا
فَعَلَى الْخَرِيطَةِ كُلُّنَا أَغْرَابُ.
أَتَكَلَّمُ الْفُصْحَى أَمَامَ عَشِيرَتِي
وَأُعِيدُ ، لَكِنْ مَا هُنَاكَ جَوَابُ.
لَوْلا الْعَبَاءَاتُ الَّتِي الْتَفُّوا بِهَا
مَا كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّهُمْ أَعْرَابُ.
يَتَقَاتَلُونَ عَلَى بَقَايَا تَمْرَةٍ
فَخَنَاجِرٌ مَرْفُوعَةٌ وَحِرَابُ
قُبُلاتُهُمْ عَرَبيَّةٌ مَنْ ذَا رَأَى
فِيمَا رَأَى قُبُلاً لَهَا أَنْيَابُ.
وَخَرِيطَةُ الْوَطَنِ الْكَبِيرِ فَضِيحَةٌ
فَحَوَاجِزٌ وَمَخَافِرٌ وِكِلابُ
وَالْعَالَمُ الْعَرَبِيُّ إِمَّا نَعْجَةٌ
مَذْبُوحَةٌ أَوْ حَاكِمٌ قَصَّابُ
وَالْعَالَمُ الْعَرَبِيُّ يُرْهِنُ سَيْفَهُ
فَحِكَايَةُ الشَّرَفِ الرَّفِيع ِسَرَابُ
وَالْعَالَمُ الْعَرَبِيُّ يَخْزِنُ نَفْطَهُ
فِي خِصْيَتَيْهِ وَرَبُّكَ الْوَهَّابُ
وَالنَّاسُ قَبْلَ النَّفْطِ أَوْ مِنْ بَعْدِهِ
مُسْتَنْزَفُونَ ، فَسَادَةٌ وَدَوَابُ
فَكَأَنَّمَا كُتُبُ التُّرَاثِ خُرَافَةٌ
كُبْرَى فَلا عُمَرٌ وَلا خَطَّابُ
وَبَيَارِقُ ابْن ِالْعَاص ِتَمْسَحُ دَمْعَهَا
وَعَزيزُ مِصْرٍ بِالْفِصَامِ مُصَابُ
مَنْ ذَا يُصَدِّقُ أَنَّ مِصْرَ تَهَوَّدَتْ
وَمُقَامُ سَيِّدِنَا الْحُسَينِ يَبَابُ؟
مَا هَذِهِ مِصْرَ. فَإِنَّ صَلاتَهَا
عِبْرِيَّةٌ وَ إِمَامُهَا كَذَّابُ
مَا هَذِهِ مِصْرَ. فَإِنَّ سَمَاءَهَا
صَغُرَتْ. وَإِنَّ نِسَاءَهَا أَسْلابُ
إِنْ جَاءَ كَافُورٌ فَكَمْ مِنْ حَاكِم ٍ
قَهَرَ الشُّعُوبَ وَتَاجُهُ قُبْقَابُ
أَنَا مُتْعَبٌ وَدَفَاتِرِي تَعِبَتْ مَعِي
هَلْ لِلدَّفَاتِرِ يَا تُرَى أَعْصَابُ ؟
حُزْنِي بَنَفْسَجَةٌ يُبَلِّلُهَا النَّدَى
وَضِفَافُ جُرْحِي رَوْضَةٌ مِعْشَابُ
لا تَعْذُلِينِي إِنْ كَشَفْتُ مَوَاجِعِي
وَجْهُ الْحَقِيقَةِ مَا عَلَيْهِ نِقَابُ
إِنَّ الْجُنُونَ وَرَاءَ نِصْفِ قَصَائِدِي
أَوَ لَيْسَ فِي بَعْضِ الْجُنُونِ صَوَابُ ؟
فَتَحَمَّلِي غَضَبِي الْجَمِيلَ فَرُبَّمَا
ثَارَتْ عَلَى أَمْرِ السَّمَاءِ هِضَابُ
فَإِذَا صَرَخْتُ بِوَجْهِ مَنْ أَحْبَبْتُهُمْ
فَلِكَيْ يَعِيشَ الْحُبُّ وَالاحْبَابُ
وَإِذَا قَسَوْتُ عَلَى الْعُرُوبَةِ مَرَّةً
فَلَقَدْ تَضِيقُ بِكُحْلِهَا الاهْدَابُ
فَلَرُبَّمَا تَجِدُ الْعُرُوبَةُ نَفْسَهَا
وَيُضِيءُ فِي قَلْبِ الظَّلامِ شِهَابُ
وَلَقَدْ تَطِيرُ مِنَ الْعِقَالِ حَمَامَةٌ
وَمِنَ الْعَبَاءَةِ تَطْلُعُ الْلآعْشَابُ
لا تَغْضَبِي مِنِّي إِذَا غَلَبَ الْهَوَى
إِنَّ الْهَوَى فِي طَبْعِهِ غَلابُ
فَذُنُوبُ شِعْرِي كُلُّهَا مَغْفُورَةٌ
وَاللهُ - جَلَّ جَلالُهُ – التَّوَابُ.