الرياض - د. عبدالله الغامدي (أخصائي الأمراض الباطنية بمستشفى قوى الأمن الفئات الرئيسية للموضوع[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
لا تزال الأمراض والأوبئة هي المشكلة الرئيسة والخطر المحتمل الذي ربما يواجه بعضاً من الذين يختارون بشكل عشوائي وغير مدروس بلداً ما لقضاء أيام إجازتهم الصيفية. فمثل هؤلاء المسافرين قد لا يخطر ببالهم عند اختيارهم لبلد معين لتمضية إجازته، أن هذا البلد ينتشر بين ربوعه وباء أو مرض معدٍّ، وبالتالي فإنهم في الغالب لا يحتاطون لذلك فيقع المحظور، مع أنه كان بالإمكان منذ البداية تجنب مثل هذه الأماكن والبعد عنها وعن مشكلاتها. وفي جميع الأحوال فإنه يجب على الذين يستعدون لقضاء إجازتهم أخذ جميع الاحتياطات اللازمة للنأي بأنفسهم عن هذه الأخطار. يمكننا بداية أن ننظر إلى السفر إلى خارج حدود الوطن على أنه ترتيب ذو جوانب أربعة يتم بين المسافر، ووكالة السفر، وشركة النقل، والحكومة المضيفة. وتتجشم بعض الحكومات المضيفة عناء بالغاً في سبيل حماية ضيوفها. فقد ذكر تقرير لمنظمة الصحة العالمية أن المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، تنفق مئات الملايين من الدولارات على الخدمات الطبية والصحية في أثناء الموسم السنوي للحج الذي يسافر فيه المسلمون الأتقياء إلى مكة المكرمة. كما يتشدد العديد من البلدان الأخرى في تفتيشها على النظم الصحية المتبعة في الفنادق، وخصوصاً صحة الغذاء في المطابخ. غير أن بعض البلدان الأخرى تقصر في الاضطلاع بمسؤولياتها مما يكون له انعكاسات خطيرة على الحكومات المسؤولة عن ذلك. ومن الأمور المفهومة أن بعض الحكومات قد تحجم عن الكشف عن مشكلاتها الصحية لأنها تشعر أن هذه المشكلات قد تتسبب في عزوف السياح عن المجيء إلى بلدانها. ولكن على المدى البعيد فإن أسوأ دعاية ممكنة بالنسبة لبلد ما هي أن يصاب السياح بأمراض لم يعلن عنها ذلك البلد. ونادراً ما يحجم السياح عن زيارة منطقة يوجد بها خطر صحي، شريطة الإعلان عن هذا الخطر، ومعرفة الاحتياطات الواجب اتخاذها للوقاية منه. ولكن هناك مسؤوليات تقع على المسافر أيضاً، سواء كان مسافراً للعمل، أو الإجازة، أو لأسباب عائلية. فعلى المسافر أن يتأكد من اتخاذ كل الاحتياطات ضد أي مرض يمكن الوقاية منه بالتحصين، والعقاقير، والسلوك الحذر. وإذا مرض المسافر عقب عودته إلى وطنه فيجب عليه أن يخطر طبيبه الممارس أين كان. ومما يدعو إلى الأسف أنه في كثير من الأحيان يجهل الأطباء في العديد من البلدان الأخطار الصحية في أي مكان آخر. فمن آن لآخر تورد الصحف تقارير عن وفاة سائح عائد من الخارج بسبب الملاريا لعدم تشخيص المرض عند وصول السائح إلى بلده. وليس في هذا ما يدعو إلى الدهشة بالمرة، إذ إن عدد الأطباء الذين رأوا حالة ملاريا واحدة في حياتهم قد يقل عن ربع عدد الأطباء في العالم الذين يصل عددهم إلى ثلاثة ملايين طبيب. وهناك أمثلة مروعة لمسافرين عقرتهم كلاب مسعورة.. ومع ذلك لم ينصحهم الأطباء المحليون في البلد الذي يزورونه أو طبيبهم في بلدهم لدى عودتهم بتعاطي اللقاح المضاد لداء الكلب. وتكون النتيجة هي الوفاة التي لا تخلو من العذاب. وكثيراً ما يزور الناس منطقة ما في بلدهم ويصابون بمرض من جراء شيء أكلوه أو شربوه؛ لأنه لم يخطر على بالهم مثل هذه الأخطار المحتملة. ومع ذلك فسوف يزورون بلداً يعرف بسوء الوضع الصحي فيه دون أن يعانوا، وذلك لأنهم حذروا من الأخطار واتخذوا الاحتياطات اللازمة. وهناك كتاب مفيد نشرته منظمة الصحة العالمية لمساعدة الإدارات الصحية في إسداء النصح لمن يعنيهم الأمر. كما أن له أهمية خاصة بالنسبة لوكالات السفر. وعنوان هذا الكتاب هو «اشتراطات شهادات التطعيم للسفر الدولي ونصائح صحية للمسافرين». ويورد الكتاب بعض الأخطار الصحية التي قد يتعرض لها المسافرون في مختلف أنحاء العالم، كما يقترح الاحتياطات التي يمكن أن يتخذوها للوقاية من بعض الأمراض والإصابات. وتقع على عاتق شركات النقل مسؤوليتان متميزتان وهما: أولاً توعية المسافرين بأي خطر صحي معين في البلد الذي سيحلون به، وخصوصاً الملاريا (البرداء)، بل إن بعض شركات الطيران تزود المسافر بعبوة صغيرة من أحد العقاقير المضادة للملاريا. وثانياً يجب أن تتأكد الشركات من أن صحة الأغذية التي تقدمها لا تشوبها أية شائبة. وقد وضعت بعض الهيئات مثل «الجمعية الدولية للنقل الجوي» و«المنظمة الدولية للطيران المدني» مدونات تتضمن الممارسات الموصى بها، وتوصيات بشأن تطبيق بعض الإجراءات المحددة لمراقبة المعايير الصحية للغذاء والماء، كما وضعتها تحت طلب أعضائها من شركات الطيران ومجموعات الفنادق المتعددة الجنسيات ذات الصلة. وثمة معايير مماثلة ينبغي الحفاظ عليها في سفن وطائرات نقل الركاب، وفي كل المؤسسات التي تستخدمها شركات النقل الأرضي. ويمثل مرض الإسهال أحد الآثار الناجمة عن عدم كفاية صحة الغذاء والماء، وكذا الإهمال من جانب المسافر. فالإسهال الذي يصيب المسافرين شائع جداً ويأخذ أشكالاً عديدة، ولكنها جميعاً تتسبب عن عدوى. وتلعب العقاقير دوراً محدوداً في علاج هذه الحالة، ولكن في المناطق التي يزيد فيها خطر الإصابة قد تفيد بعض المضادات الحيوية الوقائية في أثناء الزيارات القصيرة لتلك المناطق، وخصوصاً بالنسبة لمن لا يتمتعون بصحة تامة. كما أن جفاف الجسم هو أخطر الآثار الناجمة عن الإسهال وأكثرها إنهاكاً